تشكل الأفلاج في سلطنة عمان نظاما مائيا فريدا أسهم في ازدهار الزراعة في البلاد، حيث يعود تاريخها إلى أكثر من 2000 عام طور خلالها العمانيون الكثير من أدوات ووسائل إدارتها وصيانتها، في وقت وصل فيه عددها إلى 4112 فلجا.
ويتكون الفلج من قناة رئيسية ممتدة من منبعه المسمى"أم الفلج"، ليبدأ التدخل الإنساني بعد المنبع بتصميم القنوات الرئيسية للاستخدام حسب الأولوية، فتؤخذ مياه الشرب عند المنبع وتحصل المساجد على مياه الوضوء، كما تحصل الحمامات على نصيبها، ثم يمتد الفلج بين المزارع وفق حصص محسوبة.
وقد حظيت الأفلاج باهتمام محلي بين عامة الناس ورسمي حكومي وعالمي من جانب منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) التي أدرجت خمسة منها ضمن لائحة التراث الإنساني العالمي.
ويتعلق الأمر بفلج دارس بولاية نزوى، والخطمين ببركة الموز، والملكي بازكي، والميسر الرستاق وفلج اللجيلة بولاية صور.
وتصنف الأفلاج العمانية إلى ثلاثة أنواع هي "الداودية" التي تنبع من أعماق تصل إلى 200 قدم، و"الغيلية" من المياه السطحية للأودية، و"العينية" النابعة من سفوح الجبال ومنبثقة على قنوات مفتوحة.
فلج خاص
ومن بين الأفلاج "العينية" يوجد فلج يسمى "معول" يقع جنوب جبل الكور بولاية بهلا بالسلطنة، أشاع عنه أهل المنطقة منذ القدم أن الجن يسيطرون على تدفقه وذلك باعتبار أن الفلج غير منتظم في جريانه وتدفقه.
وأنجزت السلطات العمانية مؤخرا دراسة علمية دحضت تلك الشائعة موضحة أن الفلج ينبع وفق نظرية تسمى "التدفق والاندثار"، وهي نظرية علمية تفسر طبيعة جريان مجموعة من العيون النادرة في العالم، ويعتبر الفلج المذكور واحدا منها.
![]() |
العزري أشار إلى الخصائص الطبيعية للأفلاج (الجزيرة نت)
|
وأضاف أن هذه العيون تمتاز بتدفقها لفترات زمنية محددة ثم تتوقف فجأة اعتمادا على ضغط الهواء بخزانها الجوفي، حيث تنبع المياه من صدع طبيعي بالصخور وتتجمع في خزان جوفي محدود ذي فتحة ضيقة لمرور المياه، لذلك فإن كمية المياه في الخزان الجوفي وضغط الهواء داخله وانحدار مستوى سطح الأرض عوامل أساسية في التحكم في تدفق العين.
وأوضح العزري أن الوزارة هدفت من هذه الدراسة إلى دفع الشك ودحض الشائعات والأساطير باستخدام الأساليب العلمية المتطورة، فتم تركيب جهاز قياس أوتوماتيكي لتحديد الفترات الزمنية التي يتدفق فيها الفلج والأخرى التي يتوقف فيها جريانه.
وأظهرت النتائج تدفق الفلج شهرا متواصلا وأن هناك فترات انقطاع وجريان للفلج ولكنها ليست فترات زمنية ثابتة، وهو ما يؤكد أن الفلج يعتبر من العيون النادرة التي تتميز بظاهرة "التدفق والاندثار".
وحول شائعة الجن قال ناصر بن سليمان بن سعيد الهنائي -وهو من أهالي بهلا- للجزيرة نت إن كبار السن يتناقلون عبارة "فلج دن سبعا لنا وسبعا للجن"، أي يتدفق الفلج سبعة أيام ليستفيد منها البشر وسبعة أخرى ليستفيد منها الجن الذين يوجهونه إلى حيث يريد.
أما خلفان الهنائي من نفس المنطقة فأوضح أن فلج معول الذي يطلق عليه أيضا اسم "الشيخ وضاح" يتدفق أحيانا في النهار فقط وأحيانا في الليل فقط، وأوقاتا يتدفق في اليوم أكثر من عشر مرات متقطعة ويندر أن تصل فترة الانقطاع والتدفق إلى سبعة أيام.
